سر الإحساس
الهواية : المهنة : دعائك : اوسمتي : عدد المساهمات : 2008 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 23/06/2011 الموقع : الرياض المزاج : عادي ومطنش
| موضوع: النذر الأحد سبتمبر 25, 2011 12:47 am | |
| النذر
الســلام عليكــم ورحمة الله
يحكى في قديم الزمان، وفي إحدى الحارات العمانية القديمة، أن هناك امرأة كلما أنجبت يموت أبناؤها، وفي إحدى المرات وبينما كانت حاملا، وقد ذهبت مع جاراتها (تنزف) الماء من "الفرضة" ، رأت جذعا قديما؛ فقالت لجاراتها سأنذر هذه المرة، إذا أنجبت بنتا وبقت على قيد الحياة سأزوجها من هذا الجذع. وكان معظم الناس يؤمنون بما يسمى النذر في تلك الأيام بسبب الجهل، رغم أن الإسلام حرم هذه الأمور. ومرت الأيام وأنجبت المرأة بنتا كما كانت تتمنى، ولكنها نست ما قالت وهي حامل، وكبرت الفتاة حتى وصل عمرها إلى سن الزواج.
وفي احد الأيام ذهبت الفتاة مع صديقاتها لتجلب الماء من "الفرضة" كما كانت تفعل أمها، حاملة (الجحلة) على رأسها؛ فسمعت صوتا ينادي من وراء الجذع، وكأن الصوت صوت الجذع.. (ليس الأخيرة ولا الوسطى، الأولى قولي لأمك إذ توفي بالنذر)، وكان الصوت يتكرر حتى غابت الفتيات، ولم تخبر الفتاة أمها بشيء اعتقادا منها أن الأمر لا يعنيها، وفي اليوم الثاني غيرت مكانها؛ بحيث أصبحت في الوسط بين صديقاتها، فسمعن الصوت مرة أخرى.. (ليس الأولى وليس الأخيرة، الوسطى قولي لامك أن توفي بالنذر) ، فارتابت في الأمر بأن الصوت يعنيها، ولكنا قررت أن تنتظر إلى الغد لتتأكد، فغيرت مكانها فكانت الأخيرة في طابور الفتيات، ولكن الصوت تكرر.. (ليست الأولى وليست الوسطى، الأخيرة قولي لامك تؤدي النذر)، فتأكدت الفتاة أن الأمر يعنيها، وقررت إخبار أمها بالأمر.
وحينما ذهبت إلى البيت أخبرت أمها وسألتها عن النذر المقصود، فأخبرتها أمها بكل شيء، أنها نذرت أن تزوجها من ذلك الجذع، فقالت الفتاة لامها: لا بأس يا أمي؛ عليك أن تفي بنذرك..
فجهزت الأم ابنتها لتكون عروسا لذلك الجذع، خوفا عليها من أن يصيبها مكروه، إذا لم تفي بنذرها كما وعدت، فزودت ابنتها بكل ما تحتاج إليه، وقلبها يعتصر ألما على مصيرها وهي ابنتها الوحيدة، ولكنها صبرت، فأجلست الفتاة بالقرب من الجذع وذهبت عنها.
وفي الصباح ذهبت لترى ابنتها وماذا حل بها، ولكنها لم تجد لها أثرا، فظنت أن ابنتها قد أصابها السحر، وفقا للمعتقدات التي كانت سائدة في ذلك الزمان.
ومرت الأيام والأشهر والأم تكابد آلامها وحسرتها على ابنتها التي فقدتها بسبب النذر الذي نذرته، وفي يوم من الأيام طرقت امرأة غريبة الباب على تلك الأم الحزينة، فقالت لها: استضيفيني عندك فأنا غريبة ولا اعرف أحدا هنا، فاستضافتها المرأة وأحسنت إليها، وعندما قامت قالت لها: أنت امرأة طيبة فخذي مني هذه الهدية. وبعد أن ذهبت المرأة فتحت الصرة لتجد بها ثوب ابنته القديم، وشمت رائحة ابنتها بالعطر الذي وضعته عليها حينما زفتها كعروس لذلك الجذع، فاستبشرت خيرا وشعرت أن ابنتها على قيد الحياة، وأن هذه الهدية بشارة لها..
وما هي إلا أيام قلائل حتى سمعت طرقا على الباب ففتحته، فوجدت ابنتها أمام عينيها وكانت ترتدي ملابس أشبه بملابس الأميرات، فارتمت في حضنها تقبلها وتبكي، وهي لا تكاد تصدق نفسها، وحينما دخلت كان هناك رجل يرافقها يحمل طفلا صغيرا في يده، وقافلة من الجمال محملة بالهدايا، وهنا أخبرت الفتاة أمها بما حدث في تلك الليلة: لقد كان وراء الجذع رجل، وقد اخبرها انه كان مارا من هناك بينما الأم تقدم نذرها، فانتظر كل تلك السنوات حتى كبرت الفتاة وطالب الأم بأن تفي بنذرها، وقد تزوجت من هذا الرجل وهو تاجر ثري، ويسكن في بلد مجاور لبلادهم، وقد أكرمها الرجل وأحسن معاملتها، ووعدها أن تزور أمها، وها هو يفي بوعده، وحتى تعرف الأم أن ما كانت تعتقده كان خرافة وأوهاما..
لذا علينا يا أبنائي أن نؤمن بقضاء الله وقدره ولا نربط مصائرنا بأوهام لا أساس لها من الصحة..
- تنزف: أي تجلب الماء. - الفرضة: بداية الفلج.
دمتم بود
| |
|