عالم الجن الجن: (
حسب الأديان والأساطير القديمة) هي مخلوقات خارقة
للطبيعة وهي هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة لها عقول وفهم وقدرة
على الأعمال الشاقة، وهم خلاف الأنس، الواحد يقال له
"جني" ،
و يقال إنما سميت بذلك لأنها تتقي ولا ترى , وهي ثلاث أصناف وقد روي الطبري بإسناد حسن عن أبي ثعلبة الخشني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (
الجن ثلاث أصناف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء وصنف حيات وصنف يحلون ويظعنون).
كما أجمع المسلمون قاطبة على أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى
الجن كما هو مبعوث إلى الأنس قال الله تعالى في كتابه الحكيم (وأوحي إلى
هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ) سورة الأنعام 19. أنزل الله سبحانه على
نبيه صلى الله عليه وسلم سورة تدعى سورة الجن.
سبب تسميتهم بالجن سموا جنا لاستتارهم عن العيون، فهم يرون الناس ولا نستطيع رؤيتهم، وهذه
الحقيقة معروفة والدليل قول القرآن: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ
مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء
لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) سورة الأعراف آية 27، والمقصود إن الإنسان لا
يرى الجن على صورتهم الحقيقية التي خلقوا عليها ولكن قد نراهم بصور أخرى
متجسدين لها أو وهما للعقل كما يحصل لبعض المسحورين.
الاعتقاد بالجن يعتقد بعض الناس بوجود كائنات خارقة تسمى بالجن ويعتقد هؤلاء الناس
بان للجن قوى خارقة وان الجن باستطاعتها رؤية الناس وإلحاق الأذى بهم وإن
أجسام الجن غير مادية وقادرة على التشكل بالشكل الذي تريده. والعالم
المحسوس الذي نراه ونعيشه فيه الغريب والعجيب فكيف بالعالم الخفي عن العيون
مما لا نراه من الغيب الذي أحتجب عن ناظرنا، فالنفس البشرية مجبولة على
التنقيب والبحث في ما وراء الطبيعة من عوالم خفية كما دونها الأقدمون وكما
وردت في الكتب السماوية أو كما حكى عنها القصاصون والدجالون وغير ذلك كثير،
من تسلط الجن على الأنس وأذيتهم لهم، وإن من الأمور المسلم بها أن الإنسان
عرضة للأخطار والأمراض وقليل من تصفو له الحياة ويعيش بلا منغصات، فيقع
عقله فريسة الوهم وتسلط الجن. واتسعت دائرة الشكوى من الأمراض النفسية
وأمراض الصرع فمن الناس من ينسب أكثرها لعالم الجن والشياطين، مما جعل
الناس في حيرة ووقع بعضهم فريسة الأوهام وتسلط المشعوذين، وهذا نتيجة
ازدهار مملكة العرافين وقراء الكف وغيرهم واغترار الناس بهم لجهلهم، وليس
وراء هؤلاء الجهلة سوى الضياع والشر، ولا يوجد داء إلا وله دواء، وداء
الجهل دواءه العلم.
الاعتقاد بوجود الجن قديم جدًا، وهو في الميثولوجيا العالمية معروف
بصورة الأرواح المحتجبة عن عيون البشر. ويسمى هذا العلم (Demonology)،
ويعني علم الشياطين (باللغة اليونانية)، وهذا العلم كما تعرفه دائرة
المعارف البريطانية يبحث في دراسة الشياطين وفي المعتقدات المتعلقة بها،
كما يبحث في مذهب وجود الجن في العالم الإسلامي. حيث أن الدين الإسلامي
يفرق بين معنى الجن والشيطان. فالجن ليست شياطين حسب مفهوم الدين الإسلامي
لكن الشياطين هم فئة خاصة من الجن تعصي الله وتوسوس للناس. وأنكر كثير من
الفلاسفة وجودهم وقالوا إن المراد بالجن في الكتب الدينية هو نوازع الشر
عند الإنسان، والقوى الخبيثة، كما أن المراد بالملائكة هو نوازع الخير حسب
زعمهم.
وأنكرت طائفة من الناس وجودهم إنكارا كليًا وزعم قسمًا منهم إن المراد هو
أرواح الكواكب، ولكن هذا قريب من الخيال، ومن المسلمين من يفسر الجن بقوله
إنهم نوع من البشر مستترين عن الناس في إيمانهم وكفرهم، وخيرهم وشرهم، كما
قال الدكتور محمد البهي في كتابهِ في تفسير سورة الجن إن المراد بالجن هم
الملائكة، فالجن والملائكة عندهُ عالم واحد لا فرق بينهما.
وزعم فريق من المحدثين إن الجن هم الجراثيم والميكروبات التي تصيب الناس
بالأمراض التي كشف عنها العلم حديثًا وهذا وهم وخرافة لا أصل لها، فالجن
وجود مادي لحياة عاقلة ورد ذكرهم في الكتب السماوية، والجراثيم غير ذلك من
الأحياء المادية المخلوقة، وانتشرت فكرة إن الجن هم من نقل الطاعون في
العصور القديمة، وبعض الناس في وقتنا الحالي لا يعتقدون بوجود الجن.
ولكن حقيقة الجن خلق آخر غير الأنس وغير عالم الملائكة والأرواح. وبين الجن
والأنس قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإرادة ومن حيث القدرة على
اختيار طريق الشر والخير، ومن حيث التكليف بالعبادة وحسب تعريف القرآن في
قوله: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) سورة
الذاريات، آية 56، وفي قوله: ((وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن
نَّارِ السَّمُومِ)) سورة الحجر آية 27. فورد ذكرهم بلفظ الجن والجان،32
مرة في القرآن، بينما ورد ذكر الشيطان 87 مرة في القرآن، وذكر إبليس 11 مرة
في القرآن.
والخلاصة فإن الجن عالم ثالث غير البشر والملائكة، وهم مخلوقات عاقلة
وواعية مدركة ليسوا أعراض أمراض أو جراثيم، ولا وهم من الدجالين، بل هم خلق
مكلف بالعبادة والأدلة على ذلك كثيرة، من التوراة والإنجيل والقرآن، كما
أقر بها الكثير من الناس، وهذا لأن وجودهم خبر متواتر عن الأنبياء
والمرسلين، وجمهور الناس من يقر بهم ومنهم من ينكر وجودهم كما أنكر وجودهم
طائفة من المسلمين كالمعتزلة و الجهمية وغيرهم، وإن كان كثير ممن يراهم
ويسمعهم لا يعلمون أنهم جن بل يزعمون أنهم رجال الغيب أو رجال الفضاء وغير
ذلك، وعدم رؤيتهم ليس غريبًا فقد ثبت علميًا عدم قدرة الأحياء على رؤية كل
شيء بل إن النحل يرى الأشعة فوق البنفسجية ولا يراها الإنسان، ولذلك فهو
يتحسس الشمس في الجو الغائم، وطير البومة ترى الفأر في ظلمة الليل البهيم،
ولهذا فإن كنا لا نرى جنًا فبعض الأحياء يرونهم كالحمار والكلب، فقد ورد في
كتب المسلمين وفي أحاديث السنة النبوية في مسند الإمام أحمد بإسناد مرفوع
صحيح عن جابر قوله: (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل، فتعوذا
بالله من الشيطان، فإنهن يرون ما لا ترون). كما أخبرتنا الكتب السماوية عن
تسخير الجن للنبي سليمان، فكانوا يقومون له بأعمال كثيرة تحتاج إلى القوة
والقدرات والمهارات الفائقة، وورد ذكر ذلك بالقرآن في قولهِ:
(ولِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ
وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ
يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ
مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ)، سورة سبأ آية 12. ويقول ابن تيمية في مجموع
الفتاوي 19/10: (لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا أن الله
أرسل محمدا إليهم، وجمهور طوائف الكفار على أثبات الجن، أما أهل الكتاب من
اليهود والنصارى فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين، وإن وجد فيهم من ينكر
ذلك، كما يوجد في المسلمين من ينكره...).
خلق الجن ومنشأهم خلق الله الجن من النار وأول الجان هو أبيهم سوميا "يحتاج إلى دليل" الذي
دعى للجن أن يكونوا مريبين في الأرض واسكنهم الأرض قبل خلق آدم كما ذكر
القرآن في قوله: (َلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ
مَّسْنُونٍ ،وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ)
سورة الحجر، الآيتان 26-27.
وحينما أسكنهم الله الأرض أفسدوا فيها وسفكوا دماء بعضهم فأرسل الله لهم
الملائكة، وقضى عليهم، وأخذوا معهم إبليس إلى السماوات العلى فصار مثل
الملائكة يعبد الله ويطيع أوامره ويبتعد عن نواهيه.
وبقى على الأرض قسمًا من الجن، هربوا إلى المغارات وأعالي الجبال وفي أسفل
البحار والمحيطات، واتخذوا بعض المواقع الذي يتكاثرون فيها ويعيشون، ولما
هبط الإنسان على الأرض، تطور وصنع الغواصات والطيارات والسفن، وجاب الأرض
وانتقل من مشارقها إلى مغاربها، وبدأ يشكل خطرًا على وجود الجن لما انتقل
إلى مواقعهم، فأهابوه. وهذه الآية ردًا على من قال إن الملائكة يعلمون
الغيب حين قالوا في القرآن: (َإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي
جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ
فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ
لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) سورة البقرة، آية 30.
فالملائكة هنا استندوا على ما حصل من سوميا وذريته من ارتكاب المعاصي قبل خلق آدم أبو البشر.
وبعد أن خلق الله آدم وأمر الملائكة بالسجود له، تكبر إبليس وعاد لأصله.
فرفض ابليس السجود ظنا منه انه أفضل من آدم لأنه مخلوق من نار وآدم من تراب
فعصى أمر ربه. فطرده الله من رحمتهِ ولكن ابليس طلب أن يمد له في العمر
حتى يوم القيامة للانتقام من آدم فأعطاه الله ذلك وبدأ يتكون عالم الجن من
جديد. ولقد ورد ذكر الحكاية بلفظ آخر في القرآن حيث قال الشيطان: (قَالَ
أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون) سورة الأعراف، آية 14، فأجابهُ الله:
(قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ، إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)،
الآيتان 37،36من سورة الحجر.
وأصل خلقهم من النار كما ورد ذلك في كثير من الآيات، والشياطين هم من الجن
وكذلك إبليس، وقد روي في كتب السيرة النبوية أن ابليس تشكل في هيئة شيخ
نجدي عند اجتماع الكفار في دار الندوة لمناقشة الدعوة الإسلامية وأشار
إليهم بقتل النبي محمد أو حبسه أو إخراجه من مكة. وقال الحسن البصري: لم
يكن إبليس من الملائكة طرفة عين. والدليل الآية في القرآن: (وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ
مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ
وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ
لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)، سورة الكهف، آية 50، وكذلك ورد في كتب الحديث في
صحيح مسلم، عن النبي محمد قوله أن الملائكة خلقوا من نور، وان الجن خلقوا
من نار، وان آدم خلق من طين.
وقد يرد تساؤل هل الشيطان هو أصل الجن أم هو واحد منهم؟ وإن كان الرأي
الأخير أبين وأوضح لوروده في الآية: (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ
الْجِنِّ)، ولكن هنالك رأي لابن تيمية حيث يقول أن الشيطان أصل الجن كما أن
آدم أصل الأنس، (مجموع الفتاوي 4/235، 346). ويقول المسعودي: وما ذكر من
الأخبار في مبدأ الخليقة هو ما جاءت به الشريعة ونقلهُ الخلف عن السلف،
والباقي من الماضي، فعبرنا عنهم حسب ما ورد من ألفاظهم ووجدناه في كتبهم.
وحكى الشهرستاني في أول كتابهِ عن الملل والنحل حكاية عن ماري شارح
الأناجيل الأربعة، وهي مذكورة في التوراة متفرقة على شكل مناظرة بين
الشيطان وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود لآدم، في ختامها قال شارح
الأناجيل: فأوحى الله إليه من سرادقات الجلال والكبرياء، يا إبليس إنك ما
عرفتني، ولو عرفتني لعلمت أنني لا أسأل عما أفعل. وبذلك سقطت شبهات
الشيطان.رياناهم مع سحرة أبوعريش سرابا مثل الزجاج السائل أو الماء المغلي
أو البخار
أنواع الجن تتحدث الأدبيات العربية القديمة عن الجن وأنواعه فيذكر البيان والتبيين منها:
جن ومفردها جني.
عامر وجمعها عمّار.
شيطان وجمعها شياطين.
مارد وجمعها مردة
عفريت والجمع عفاريت.
القرين ((أنواع الجن))
شخصيات معروفة من الجن
وأورد الدميري أن الجن أجناس، منها الجن الخالص الذي لا يأكل ولا ينام ولا
يشرب في الدنيا ولا يتوالد، ومنها أجناس تأكل وتشرب وتتناكح ذكر منها ولم
يحصرها في:
التصنيفات أعلاه لمسميات الجن عند الناس فقط، ولا
يوجد دليل يبين حقيقة هذه الأسماء، ولا يعني ذلك وجودها حقيقة سوى في
خرافات القصص الشعبية التي يتداولها البسطاء، مثل قصة علاء الدين والمصباح
السحري، أو مارد المصباح وعموما لم يرد لهذه المسميات ذكر في مصدر موثوق،
سوى كلمة شيطان وجن أو عفريت التي تم ذكرها في الكتب السماوية. ولغويا يطلق
جني للمفرد وجنا للجمع فإن أريد ممن يسكن البيوت مع الناس قيل عامر، فإن
كان ممن يتعرض للأطفال والصبيان قيل روح أو أرواح، فإن كان خبيثا سمي
شيطان، فإذا زاد خباثة وشرا قيل مارد، فإن قوي على عمل الأعمال سمي عفريتا.
وورد ذكرهم في الأدبيات العربية بأنهم يتصورون على شكل الحيوانات والبهائم
ومنهم من يتصور بشكل الإنسان وهذا وهما للعين لا حقيقة مادية له، وورد ذكر
تصور الجن في صورة القط الأسود والكلب الأسود، بل ورد ذكرهم كذلك في
أدبيات القرون الوسطى في أوروبا لصورة الشيطان بأن له لحية مدببة وقرنان
وراس أسود وغير ذلك كما ورد في دائرة المعارف الحديثة صفحة 357.
الجن في المعتقدات الإسلامية
يجمع المسلمون على إقرار وجوده وقد ورد في القرآن { وَالْجَآنَّ
خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ} (سورة الحجر:27) ويوجد في
القرآن سورة باسم الجن: سورة الجن ويقوم بعض المشايخ المتخصصين بالقراءة من
القرآن على أشخاص مسهم الجان لإخراجهم ويحدث في ذلك مخاطبة الجني
ومجادلته. وفي هذا الأمر وردت قصص كثيرة وسجلت بعضها على يد مشايخ معروفين
لا يشك بعلمهم، ولكن هذا الباب واسع لا يسع ذكره هنا لوجود كثير من
المبالغات والأوهام فيه.
الأدلة من القرآن
(يا
مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ
يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا
قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) سورة
الأنعام، آية130.
(وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ) سورة الحجر آية 27.
(وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا
وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) سورة السجدة آية13.
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سورة الذاريات، آية 56.
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ
اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضِ
فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) سورة الرحمن، آية33.
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) سورة الجن، آية1.
{ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
(6)} سورة الناس الآيات 4، 5، و6
فهذه الآيات وغيرها دليل على وجود الجن وبعض
أحوالهم، ولا يتكلم القرآن عن شيء غير موجود ولا ندركه فهو منزل لأجلنا
ولفهمنا وإن كنا لا نراهم فلحكمة أرادها الله، حيث ذكر القرآن سبب استتارهم
عن أعيننا بقوله: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ
كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا
لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ
وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ
أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) سورة الأعراف، آية27.
المأكل والمشرب عند الجن
روي في صحيح مسلم عن ابن عمر أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: (إذا
أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله
ويشرب بشماله)، وفي مسند الإمام أحمد عن النبي محمد قال: (من أكل بشماله
أكل معه الشيطان، ومن شرب بشماله شرب معه الشيطان).
وفي مسند الإمام أحمد أيضًا عن النبي محمد قال: (إذا دخل الرجل بيته فذكر
اسم الله حين يدخل وحين يطعم، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء ههنا، وإن
دخل ولم يذكر اسم الله عند دخوله، قال: أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم
الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء)، وتم تخريجه في صحيح مسلم
أيضا، وفي هذه النصوص من كتب السيرة النبوية دلالة صريحة على أن الجن
والشياطين تأكل وتشرب.
تأكل الجن الروث والعظام ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي محمد أمره
أن يأتيه بأحجار يستجمر بها وقال له: (ولا تأتيني بعظم ولا روثة)، -نهاية
حديث البخاري هنا-، ولما سأل أبو هريرة النبي محمد بعد عن سر نهيه عن العظم
والروثة، قال: (هما من طعام الجن، وأنه أتان وفد من جن نصيبين فسألوني
الزاد، فدعوت الله لهم: وأن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها
طعامًا). وفي سنن الترمذي بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (لا تستنجوا بالروث، ولا بالعظام، فإنه زاد
إخوانكم من الجن) وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود: أن النبي محمد قال: (أتاني
داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن)، وسألوه الزاد فقال (لكم كل عظم
ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم، وأوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة علف
لدوابكم). فقال رسول الله: (فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم). ان في
جلسات تحضير الجن يكون البخور الغذاء الاساسي ويقسم إلى قسمين :
التزاوج
النكاح وارد بين الجن للتكاثر والذي يعرف عنهم أنهم يتزاوجون كما ورد ذلك
في نص القرآن بقوله: (لم يطمثهن أنس قبلهم ولا جان) سورة الرحمن، آية 56،
وقد زعم قوم أنهم لا يتناكحون وهذا القول تبطله الأدلة الصريحة في القرآن
والسنة، حيث دلت الآيات على صلاحيتهم للتزاوج، وقد حاول بعض الناس الولوج
في كيفية النكاح من الأنس وهذا وهم غير حقيقي لاختلاف الجنس بين البشر
والجن، ولكن كره العلماء الخوض في هذه المسائل وعللوا ذلك بقولهم: (إذا
وجدت امرأة حامل فقيل من زوجك ؟ قالت: من الجن فيكثر الفساد)، ولقد أنكرهُ
علماء المسلمين وقال بعضهم جائز ولكن لو تم ذلك وحصل بين الأنس والجن تزاوج
فكيف نقرر ما لا نرى، بل يأتي من هذا الباب شر كثير، وكيف يحدث التآلف بين
أجناس متخالفة في الخلق فتصبح الحكمة من الزواج لاغية، وزعم بعض الجهلة
ورودها في الناس حاليًا، ويسأل فاعلها عن حكمها الشرعي وهو مغلوب على أمرهِ
لا يستطيع الفكاك منها، ولو حدث ذلك لأوجدنا محاكم للفصل في زيجة الجن
والأنس وهذا أمر يطول شرحه لكونهِ خيال بحت من نسيج القصاص والدجالون. ومثل
ما أن هناك من أجاز ورأيه باطل فهناك من حرم ورأيه أولى من رأي غيره ؛ إن
الله خلق الجن وخلق الإنس وقال تعالى : ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم
أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون.
لذلك فلا يجوز زواج الإنس من إخوانهم من الجن، وهذا من الكبائر لأنك إن قلت
أنه ذنب صغير فلن تستطيع القول أنه طلقها بعد أول جماع ! والاستمرار على
الصغيرة كبيرة، ومن استحل الحرام فهو كافر