سر الإحساس
الهواية : المهنة : دعائك : اوسمتي : عدد المساهمات : 2008 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 23/06/2011 الموقع : الرياض المزاج : عادي ومطنش
| موضوع: الحضارة اليونانية الأربعاء أغسطس 24, 2011 4:15 am | |
| الحضارة اليونانية عرفت شواطئ بحر إيجة ظهور أولى الحضارات في الضفة الشمالية للبحر المتوسط ، عرفت أولى الحضارتين باسم المينوية و الميسينية. تلت الفترة الأولى ، عصر مظلم استمر حتى حوالى 800 قبل الميلاد. عرفت البلاد عهدا جديدا مع ظهور الحضارة اليونانية. كانت بلاد اليونان عبارة عن تجمع من المدن المستقلة ، قامت هذه المدن بإنشاء مستعمرات تجارية على طول البحر الأبيض المتوسط ، كما قاومت محاولات توسع الفرس في المنطقة. شكلت ثقافة هذه المنطقة المنبع الرئيس للحضارة الهيلينية ، انتشرت هذه الحضارة في أرجاء واسعة من العالم بعد قيام إمبراطورية الاسكندر الأكبر الـمقدوني). عسكريا بدأ نفوذ اليونانين يتضائل ، سنة 168 قبل الميلاد قام [الرومان] بغزو البلاد ، إلا أنه وفي المقابل فإن الثقافة اليونانية غزت الحياة الرومانية بشكل كبير. أصبحت اليونان محافظة ضمن الإمبراطورية الرومانية ، واستمرت الثقافة اليونانية في هيمنتها على شرقي البحر الأبيض المتوسط. عندما إنقسمت الإمبراطورية إلى شطرين ، أصبح الشطر الشرق أو الإمبراطورية البيزنطية ، ومركزه في القسطنطينية ، يونانيا خالصا في طبيعته ، وبالأخص عندما ضم إليه كامل مناطق بلاد اليونان. من القرن الـ4 م وحتى القرن الـ15 نجحت الإمبراطورية الرومانية الشرقية في صد كل الهجمات الآتية من الغرب والشرق. سقطت القسطنطينية أخيرا في 29 مايو/ماي 1453 م عندما فتحها العثمانيون. كان العثمانيون قد أتموا فتح بلاد اليونان أثناء القرن الـ15 م. حكم العثمانيون [اليونان] حتى أوائل القرن الـ19 م. سنة 1821 م قام اليونانيون بالثورة وأعلنوا سنة 1822 م استقلالهم، إلا أنه لم يتم الاعتراف به حتى سنة 1832 م. أثناء القرنين الـ19 والـ20 م، دخل اليونانيون في سلسلة من الحروب مع العثمانيين، أراد اليونانيون توسيع رقعة دولتهم حتى تشمل كل السكان الناطقين باليونانية ، تقدمت عملية التوسع ببطئ شديد حتى بلغت اليونان حدودها الحالية سنة 1947 م. الحضارة اليونانيةبلغت الثقافة الأوربية قمة مجدها في بلدين: اليونان القديمة و إيطاليا في عهد النهضة. ولم تكن تعتمد في كلا العهدين على نظام سياسي أكبر من دويلات المدن. ويغلب على الظن أن الأحوال الجغرافية قد أعانت بلاد اليونان على أن تصل إلى هذه النتيجة. ذلك أن الجبال ومجاري المياه تعترض السائل فيها أينما ذهب ؛ وكانت القناطر فيها قليلة والطرق وعرة وغير معبدة. نعم إن البحر كان طريقاً عاماً مفتح الأبواب ، ولكنه كان يربط المدينة بأخواتها من المدن التجارية لا بما يجاورها من المدن. على أن الأحوال الجغرافية لا تفسر وحدها قيام دول المدن ، فقد كان هناك من أسباب الانفصال بين طيبة و بلاتية القائمتين على نفس السهل البؤوتي بقدر ما كان بين طيبة و إسبارطة ؛ وكان بين سيباريس و كروتونا القائمتين على نفس الساحل الإيطالي من دواعي الانفصال أكثر مما كان بين سيباريس و سرقوسة. إن علينا أن نضم إلى العوامل الجغرافية عوامل أخرى كثيرة ، فاختلاف المصالح الاقتصادية والسياسية باعد بين المدن وجعلها يحارب بعضها بعضاً للحصول على الأسواق أو الحبوب ، أو تكون أحلافاً متنافسة للسيطرة على المسالك البحرية. ومن العوامل الأخرى التي ساعدت على هذا الانفصال اختلاف أصول السكان. نعم إن اليونان كانوا يرون أنهم كلهم من عنصر واحد ، ولكنهم كانوا شديدي الإحساس باختلاف القبائل التي كانوا ينتمون إليها - الإيولية ، و الأيونية ، و الآخية ، و الدُّورية - ومن أجل ذلك كانت أثينا و إسبارطة تحقد كلتاهما على الأخرى حقداً لا يقل عن حقد العناصر المختلفة في هذه الأيام. وقوى اختلاف الأديان الانقسامات السياسية ، كما زادت هذه الانقسامات ما بين الأديان من اختلاف ، فقد نشأ من الطقوس الدينية التي اختصت بها بعض الأماكن أو بعض القبائل أعياد خاصة ، وتقاويم خاصة ، وعادات ، وشرائع ، ومحاكم تختلف باختلاف المدن ، بل إن هذه الطقوس قد أقامت في بعض الأحيان حدوداً بين المدن ؛ وذلك لأن أحجار التخوم كانت فاصلاً بين ممالك الإله ، كما كانت فاصلاً بين المجتمعات البشرية ، لأن من الواجب المحتوم أن يكون دين الإقليم هو دين حاكمه cujus regio, ejus religio. وكانت هذه العوامل مجتمعة هي وعوامل أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها هي التي أوجدت دول المدن اليونانية. ولم يكن هذا طرازاً جديداً من النظم الإدارية، فلقد رأينا أنه كانت في بلاد سومر ، و بابل ، و فينيقية ، و كريت ، دول مدن قبل هومر وبركليز بمئات السنين أو آلافها ، وكانت دولة المدينة من وجهة النظر التاريخية هي بعينها مجتمع القرية في مرحلة من الامتزاج أو التطور أعلى من مرحلته القروية - كان لها سوقها المشتركة ، ومكان اجتماعها ، ومجلس قضائها للفصل في منازعات الأهلين الذين يحرثون ما يجاورها من أرض زراعية ؛ وكان أهلها من أصل واحد يعبدون إلهاً واحداً. أما من الناحية السياسية فقد كانت دولة المدينة عند اليونان خير ما يستطيعون الوصول إليه من وسائل التوفيق بين العنصرين المتناقضين اللذين يتألف منهما المجتمع الإنساني ، واللذين يتناوبان الغلبة عليه ، ونقصد بهما عنصر النظام ، وعنصر الحرية ، فالمجتمع الصغير لا يأمن على نفسه من الاعتداء ، والمجتمع الكبير يصبح مجتمعاً استبدادياً. وكانت أكبر أمنية للفلاسفة أن تتكون بلاد اليونان من دول - مدن مستقلة ذات سيادة تتعاون كلها داخل نظام فيثاغوري مؤتلف منسجم. وكانت فكرة أرسطو عن الدولة أنها جماعة من الأحرار يخضعون لحكومة واحدة ، ويستطيعون الالتقاء في جمعية واحدة ، وكان يرى أن الدولة إذا زاد عدد مواطنيها على عشرة آلاف تعجز على إدارة شئونها. ومن أجل هذا كان لفظ واحد - بوليس Polis- يطلق على المدينة والدولة في بلاد اليونان. وما من أحد يجهل أن هذا التفتت السياسي قد جر على بلاد اليونان كثيراً من المآسي بسبب ما قام بين أهلها وهم إخوة من نزاع. فقد خضعت أيونيا لسيطرة الفرس لأنها عجزت عن أن تتحد للدفاع عن نفسها ؛ وضاعت في آخر الأمر تلك الحرية التي كان اليونان يعتزون بها ويقدسونها ، لأن بلاد اليونان لم تستطع الثبات متحدة في وجه أعدائها رغم ما أقامته من أحلاف وعصب. ولكننا نعود فنقول أنه لولا دول - المدن لما كانت بلاد اليونان ، ولولا شعور اليونان بالفردية المدنية ، واعتزازهم الشديد باستقلالهم ، ولولا ما كان بين أنظمتهم وعاداتهم وفنونهم ، وآلهتهم من تباين ، لما كان ما بينهم من تسابق وتنافس حافزاً لهم على أن يحيوا حياة إنسانية كاملة فيها من الحماسة والإبداع ما لا نظير له في أي مجتمع آخر. وهل في وقتنا الحاضر نفسه رغم ما فيه من حيوية وتنوع ، وما يمتاز به من آلات ضخمة وقوى جبارة ، مجتمع في حجم المجتمعات اليونانية أو في عدد سكانها يستطيع أن يهب المدينة من النعم قدر ما وهبتها حرية اليونان المضطربة التي كانت هي والفوضى سواء. م / ن | |
|